
في تطور أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية السودانية، حصل القيادي السابق في قوات الدعم السريع إبراهيم بقال سراج على تعليمات رسمية لاستخراج جواز سفر خاص، وفقاً لما أفاد به الصحفي عطاف محمد مختار، رئيس تحرير صحيفة “السوداني”. ولم تُكشف حتى الآن الجهة التي أصدرت هذه التعليمات أو طبيعتها، ما أضفى مزيداً من الغموض على خلفيات القرار وتوقيته. وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس تشهده البلاد، وسط تحولات متسارعة في المشهد السياسي والأمني، وتكهنات حول ترتيبات جديدة قد تعيد تشكيل خارطة النفوذ داخل السودان.
مصادر مطلعة كشفت عن احتمال عودة بقال إلى مدينة بورتسودان خلال الأيام القليلة المقبلة، في ظل تسريبات تشير إلى تحركات سياسية غير معلنة قد تمهد لفتح قنوات تفاوض جديدة. ويُعتقد أن هذه التحركات تهدف إلى إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، وسط مراقبة دقيقة من الأطراف الإقليمية والدولية. وتأتي هذه الأنباء بعد أشهر من اختفاء بقال عن الساحة، عقب إعلان نفسه والياً على الخرطوم خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، وهو ما أثار موجة من الانتقادات الحادة حينها.
في أغسطس الماضي، نشر المصباح أبوزيد طلحة، قائد مليشيا البراء بن مالك المساندة للجيش، منشوراً على حسابه الشخصي ألمح فيه إلى قرب عودة إبراهيم بقال إلى السودان، مستخدماً عبارة مقتضبة: “الأستاذ بقال قريباً في حضن الوطن”. المنشور أثار تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، ودفع العديد من الناشطين والمراقبين إلى طرح تساؤلات حول مغزى التصريح، خاصة في ظل ارتباط بقال بمواقف مثيرة للجدل خلال فترة النزاع، من بينها ظهوره في تسجيلات مصورة اعتُبرت مستفزة لمشاعر المتضررين من الحرب.
في منشور لاحق، حاول المصباح توضيح موقفه، مشيراً إلى أن بقال لم يشارك في أي عمليات قتالية مباشرة، ولم يطلق النار على القوات الحكومية خلال ما وصفه بـ”معركة الكرامة”، بل اقتصر دوره على الظهور الإعلامي من خلال تسجيلات مصورة باستخدام هاتف محمول يحمل ملصقاً مكسوراً. هذا التوضيح جاء بعد تصاعد الجدل حول طبيعة الدور الذي لعبه بقال، وما إذا كان تورطه يرقى إلى مستوى المشاركة العسكرية الفعلية، في ظل الاتهامات التي وُجهت إليه خلال فترة سيطرة الدعم السريع على الخرطوم.
المصباح كان قد مهد لهذه التصريحات من خلال تغريدة نشرها في الثاني من أغسطس، كشف فيها عن معلومات تفيد بأن بقال بدأ فعلياً في ترتيب مغادرته السودان عبر تشاد، بهدف الوصول إلى أوروبا وتقديم طلب لجوء سياسي. وأشار إلى أن بقال شعر بأن موقعه أصبح مهدداً، وأنه قد يكون عرضة للاستهداف في أي وقت، ما دفعه إلى إجراء اتصالات مكثفة مع ناشطين في الخارج لتأمين خروجه وتوفير الحماية اللازمة له. هذه التفاصيل تعكس حجم القلق الذي بات يحيط بمستقبل بقال السياسي والأمني، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول مصيره في حال عودته إلى السودان.
المنشورات المتتالية حول بقال أثارت انقساماً واضحاً في الرأي العام السوداني، حيث عبّر قطاع واسع من المواطنين عن رفضهم القاطع لفكرة عودته، مستندين إلى ما وصفوه بالأذى الذي تسبب فيه لسكان الخرطوم خلال فترة سيطرة الدعم السريع، حين تم تهجير السكان ونهب ممتلكاتهم. في المقابل، رأى آخرون أن من حقه العودة إلى الوطن، شريطة أن يعترف بما ارتكبه من أخطاء ويخضع للمساءلة القانونية. المحامي الدكتور ناجي مصطفى أكد أن القانون لا يمنع عودة المتمرد إذا جاء تائباً ونادماً، على أن يتحمل تبعات جرائمه، بما في ذلك التحريض على المليشيا ودعمها، ولو بالكلمة، مشدداً على ضرورة تعويض المتضررين في إطار العفو العام.
في تصريحات سابقة نُشرت في مايو عبر مواقع محلية محسوبة على التيار الإسلامي، كشف المصباح أن إبراهيم بقال كان يعمل معه كمصدر معلومات منذ سنوات طويلة، حتى قبل اندلاع تمرد قوات الدعم السريع. وأشار إلى أن العلاقة بين بقال والسياسي ياسر عرمان كانت وثيقة، حيث اعتادا اللقاء بشكل منتظم في فندق كانون بمنطقة الخرطوم 2، وهو ما اعتبره دليلاً على مستوى الثقة والتعاون بين الطرفين خلال تلك المرحلة. كما أشار إلى واقعة تعود إلى عام 2018، حين تلقى اتصالاً من علي دخرو يتعلق ببقال، فقام بتسجيل المكالمة وإيصالها إليه، موضحاً أن قوات الدعم السريع كانت تسعى آنذاك لتوظيف بقال كمصدر نافذ في محيطه القبلي.
بعد اندلاع ثورة ديسمبر، كشف المصباح عن تنسيق إعلامي وهمي جرى بينه وبين بقال عبر منصات التواصل الاجتماعي، بهدف التمويه على طبيعة العلاقة بينهما وإخفاء دور بقال كمصدر معلومات. وأوضح أن عدداً من الإخوان تدخلوا لاحتواء هذه “المعركة” المصطنعة، وأن بقال استمر في أداء دوره بشكل فعّال حتى سقوط مدينة مدني، حيث كان يزود المصباح بمعلومات دقيقة عبر آلية تواصل محددة. هذا التعاون الإعلامي والاستخباراتي يعكس تعقيد العلاقة بين الطرفين، ويُظهر كيف تم توظيف بقال في سياقات متعددة خلال فترات التحول السياسي.
أكد المصباح أن العلاقة التي جمعت بقال بكل من مدلل ودخرو وسفيان امتدت لفترة طويلة، حيث كانوا يلتقون في مناسبات اجتماعية متعددة، مثل الولائم وجلسات الرياض، وفي أماكن مختلفة منها الهيئة بشرق النيل، منطقة الصالحة، وشارع الستين. وكانوا يتناولون معاً وجبات السمك ولحم الضأن المحمّر، ما يعكس عمق الروابط الاجتماعية والمهنية بينهم. كما أوضح أن بقال هو من أبلغه بمقتل المفتش العام للجيش في ذلك الوقت، وهو الخبر الذي أثار استغراب الكثيرين عند نشره، مشيراً إلى أن بقال كان يطلب دعماً لوجستياً بشكل متكرر، شمل كاميرات وأجهزة مونتاج واستوديوهات آمنة.
بحسب رواية المصباح، فإن الأمور بدأت تتغير بعد سقوط مدينة سنجة، حيث دخل بقال في مرحلة التمرد الفعلي، معتقداً أن قوات الدعم السريع قد حققت النصر وأن الدولة فقدت السيطرة. فقام بقطع الاتصال مع المصباح وأغلق التطبيق الذي كانا يستخدمانه للتواصل، وبدأ يطالب بمبالغ مالية كبيرة، مبرراً ذلك بارتفاع الأسعار وحاجته لشراء الوقود. وأكد المصباح أن بقال قطع جميع وسائل التواصل بعد سقوط مدينة الدندر، معتقداً أن دولة الاستقلال قد انهارت، إلا أنه حاول لاحقاً إعادة التواصل بطريقة غير مباشرة، وذلك في يوم استعادة كبري سوبا من قبضة المليشيا، حيث تلقى المصباح اتصالاً من فتاة مجهولة أبلغته بأن “السيد الوزير” يرغب في لقائه، وهو الرمز الذي كانا يستخدمانه في إدارة الملف، لكن اللقاء لم يتم.
في سياق متصل، ظهر إبراهيم بقال في مقطع فيديو عقب سيطرة الجيش على منطقة الصالحة جنوب أم درمان، حيث شن هجوماً عنيفاً على القيادة الميدانية لقوات الدعم السريع، متهماً إياها بالفرار من ساحة المعركة بعد الهزيمة التي لحقت بها في تلك المنطقة. وأكد في التسجيل أنه غادر المكان دون أن يحمل شيئاً، بعدما تركت قواته جميع ممتلكاتها خلفها، وفقاً لما ورد في الفيديو المتداول. هذا الظهور الإعلامي الأخير لبقال يعكس تحولات في موقفه السياسي، ويطرح تساؤلات جديدة حول موقعه في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الغموض الذي يحيط بعودته المحتملة إلى السودان.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا
Source link



