أخبار العالم

مريض أم متطرف؟ ـ المتهم السعودي بهجوم ماغديبورغ أمام القضاء – DW – 2025/11/12

20 ديسمبر 2024: بعد الساعة 7 مساء بقليل اندفع رجل، بسيارة مستأجرة، عبر سوق عيد الميلاد في  ماغديبورغ (ولاية ساكسونيا أنهالت) الذي كان مزدحما في ذلك التوقيت. لقي صبي يبلغ من العمر 9 سنوات وخمس نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 عاما مصرعهم وأصيب أكثر من 300 شخص بجروح بعضها خطيرة.

ومن غير الواضح ما إذا كان الجاني المشتبه به طالب أ. وهو من السعودية قد تصرف بدوافع دينية. ومن المقرر أن توفر المحاكمة التي بدأت يوم الاثنين (10 نوفمبر) أمام محكمة ماغديبورغ الإجابة على هذا السؤال والعديد من الأسئلة الأخرى المطروحة. وتتهمه النيابة العامة بارتكاب “هجوم غادر” بدوافع “دنيئة”.

أوجه تشابه مع هجوم سوق عيد الميلاد في برلين

استخدام سيارة كسلاح للجريمة يثير ذكريات الهجوم الذي شنه الإسلاموي  أنيس عامري  على سوق عيد الميلاد في برلين. في ديسمبر 2016 اندفع التونسي الذي قُتل لاحقا أثناء هروبه في إيطاليا  بسيارة شاحنة إلى حشد من الناس  مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 67 آخرين بعضهم بجروح خطيرة. كما كان عامري قد قتل سائق السيارة المسروقة.

في 16 يناير 2025 أقيمت في وسط مدينة ماغدبورغ مراسم إحياء ذكرى ضحايا هجوم سوق عيد الميلاد
في 16 يناير 2025 أقيمت في وسط مدينة ماغدبورغ مراسم إحياء ذكرى ضحايا هجوم سوق عيد الميلادصورة من: Jan Woitas/dpa/picture alliance

وكانت الحصيلة أكثر دموية في  الهجوم الذي ارتكبه مواطن تونسي آخر في يوليو من نفس العام في مدينة نيس الفرنسية والذي كان بدوافع دينية أيضا حيث أسفر عن مقتل 86 شخصا وإصابة أكثر من 400 آخرين.

وبعد ثماني سنوات عادت ألمانيا لتكون مسرحا للجريمة وهذه المرة في ماغديبورغ. وحسب التحقيقات لم يكن المتهم تحت تأثير الكحول أو ما شابه ذلك أثناء قيادته المتهورة. ويُعتقد أن الدافع وراء الجريمة هو عدم الرضا والإحباط من سير ونتيجة نزاع مدني فضلا عن فشل عدة شكاوى جنائية قدمها.

طبيب ويبدو أنه يعاني من مشاكل صحية

 

تجري محاكمة طالِب أ. في ظل إجراءات أمنية مشددة. المتهم مقيد بالأصفاد ويجلس في حجرة زجاجية مضادة للرصاص. يحيط به محاميان ويقف خلفه مباشرة موظفون قضائيون ملثمون.

وتفترض النيابة العامة أن طالِب أ. ارتكب جريمته دون مساعدة من أحد. ويُزعم أنه خطط لها وأعدها على مدى عدة أسابيع.

وحسب المعلومات الواردة عنه لا ينطبق على المتهم السعودي أي نمط نموذجي. أنيس عامري، منفذ هجوم برلين وغيره من الإسلامويين جاؤوا إلى ألمانيا كلاجئين. أما طالب أ. فيعيش هنا منذ عام 2006 وعمل مؤخرا كطبيب متخصص في مؤسسة لعلاج المجرمين المصابين بأمراض نفسية في برنبورغ.

يبدو أن الجاني المشتبه به يعاني هو نفسه من مشاكل صحية منذ فترة طويلة. هذا ما تشير إليه النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق البرلمانية في برلمان ولاية ساكسونيا أنهالت.

ومن المقرر أن توضح اللجنة أيضا سبب عدم توفير الحماية الكافية لسوق عيد الميلاد في ماغديبورغ باستخدام الأعمدة الحديدية. وقد أصبحت هذه الكتل الخرسانية معيارا منذ الهجوم على ساحة بريتشايد لعيد الميلاد في برلين.

يُزعم أن المشتبه به طالب أ. استخدم هذه السيارة المستأجرة لقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين في سوق عيد الميلاد في ماغدبورغ
يُزعم أن المشتبه به طالب أ. استخدم هذه السيارة المستأجرة لقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين في سوق عيد الميلاد في ماغدبورغصورة من: Hendrik Schmidt/dpa/picture alliance

“يميني ضد أسلمة أوروبا”؟

استغل طالِب أ. ثغرة أمنية وحسب التحقيقات اندفع بسرعة تصل إلى 48 كيلومترا في الساعة عبر الحشد. وحسب تقرير نشرته صحيفة “دي فيلت” لم تكن هذه الرحلة المميتة عملا عفويا من قبل شخص منعزل ومضطرب، بل عملا إرهابيا مخططا له. هذا ما ورد في تقرير صادر عن المركز المتخصص في منع العنف والتطرف SALAM في ولاية ساكسونيا أنهالت.

وعلى هذا الأساس يعتبر طالب أ. نفسه جزءا من شبكة دولية متطرفة يمينية. وقد شارك المتهم على الإنترنت كميات هائلة من المحتوى الخاص بشخصيات يمينية معروفة ونظريات مؤامرة حول ما يسمى بـ”أسلمة أوروبا”. كما أنه يُعتبر من المتعاطفين مع حزب البديل من أجل ألمانيا  اليميني الشعبوي المصنف جزئيا متطرفا.

حديث غير متناسق

لم يعلق طالِب أ. في اليوم الأول من المحاكمة على التهم الموجهة إليه. وبدلا من ذلك تحدث عن تجارب قديمة في وطنه المملكة العربية السعودية وعن وسائل الإعلام التي يزعم أنها تتلاعب بالمعلومات في ألمانيا وعن الإسلاموية وحقوق المرأة والتثقيف الجنسي.

قاعة المحكمة المؤقتة في ماغدبورغ محمية بسياج واسع ونقاط تفتيش
قاعة المحكمة المؤقتة في ماغدبورغ محمية بسياج واسع ونقاط تفتيشصورة من: Klaus-Dietmar Gabbert/dpa/picture alliance

ويتهم المشتبه به القضاء والشرطة الألمانية بالفساد. تصريحاته متقطعة ولا يوجد بينها أي رابط واضح حتى عندما يتحدث عن حزب البديل من أجل ألمانيا. بعد أكثر من ساعة يقاطع رئيس المحكمة ديرك شتيرنبرغ المتهم ويؤجل المحاكمة إلى يوم الثلاثاء.

صعوبة تصنيف “الخطر”

ثم يريد طالب أ. أن يستمر في ممارسة حقه في الإدلاء بشهادته. وربما يتحدث حينها عن علاقاته بسلطات الأمن. فحسب الشرطة حدثت في ساكسونيا أنهالت في عامي 2023 و2024 عدة حالات ما يُسمى بـ”التحذير من الخطر”. ويُطلق مصطلح “خطر” على الأشخاص الذين يُعتقد أنهم قادرون على تنفيذ هجمات. لكن لم يكن من الممكن تصنيف المشتبه به في أي فئة مثل الإسلاموي أو متطرف يميني أو يساري.

تنعكس التعقيدات المحيطة بالقضية من ناحية وحجم الجريمة من ناحية أخرى في سير المحاكمة.

ونظرا للعدد الكبير من المشاركين في الإجراءات ومن بينهم أكثر من 140 مدعيا جانبيا تم استئجار قاعة حديثة البناء. ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى مارس 2026 على أن تعقد خلالها ما يقرب من 50 جلسة.

في هذه القاعة المصنوعة من المعدن الخفيف والمبنية خصيصا لسوق عيد الميلاد يمكن استيعاب عدة مئات من الأشخاص عند الحاجة من بينهم العديد من الناجين من ضحايا الهجوم.
في هذه القاعة المصنوعة من المعدن الخفيف والمبنية خصيصا لسوق عيد الميلاد يمكن استيعاب عدة مئات من الأشخاص عند الحاجة من بينهم العديد من الناجين من ضحايا الهجوم.صورة من: Jens Schlueter/Getty Images

العقوبة المنتظرة

وقد قدمت النيابة العامة أكثر من 400 شاهد. ويقضي طالِب أ. في الحبس الاحتياطي منذ يوم وقوع عملية القتل.

وفي حالة إدانته فإنه يواجه عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة القتل.

بالإضافة إلى ذلك يواجه ما يسمى بالحبس الاحتياطي. ويهدف الحبس الاحتياطي بعد قضاء العقوبة إلى حماية المجتمع من المجرمين الخطرين. وهي أشد عقوبة في القانون الجنائي الألماني.

أعده للعربية: م.أ.م

 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى