في واحدة من أكبر قضايا الفساد التي تشهدها أوكرانيا منذ اندلاع الحرب مع روسيا، أعلنت رئيسة الوزراء يوليا سفيريدينكو، اليوم الأربعاء (12 تشرين الثاني/ نوفمبر) تعليق مهام وزير العدل غيرمان غالوشينكو، على خلفية تحقيقات واسعة في قضية فساد بمليارات الهريفنات داخل قطاع الطاقة، يُعتقد أن مقربين من الرئيس فولوديمير زيلينسكي متورطون فيها.
تحقيقات موسعة ومداهمات في كييف
وقالت سفيريدينكو عبر تطبيق “تليغرام” إن الحكومة عقدت اجتماعاً استثنائياً صباح الأربعاء وقررت “إيقاف غيرمان غالوشينكو عن أداء مهامه مؤقتاً”، مشيرة إلى أن نائبة الوزير لشؤون التكامل الأوروبي ليودميلا سوهاك ستتولى إدارة الوزارة خلال فترة التحقيق.
وجاء القرار عقب مداهمات نفذتها الشرطة لمنزل غالوشينكو في كييف، على خلفية تحقيقات يشرف عليها المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) والنيابة العامة المتخصصة بمكافحة الفساد (SAPO)، في شبهات تتعلق بتلقي رشاوى وعمولات غير مشروعة داخل شركة الطاقة النووية الحكومية إنرهوآتوم.
وقالت السلطات إن خمسة أشخاص اعتُقلوا وسبعة آخرين يخضعون للتحقيق، في ما وُصف بأنه “مخطط فساد واسع” يشمل غسل أموال بقيمة نحو 100 مليون دولار.
علاقات سياسية مثيرة للجدل
وأشارت النيابة إلى أن الوزير غالوشينكو، الذي شغل سابقاً منصب وزير الطاقة قبل انتقاله إلى وزارة العدل في يوليو/ تموز الماضي، يُشتبه في تلقيه “منافع شخصية” من رجل الأعمال تيمور مينديتش، المقرب من الرئيس زيلينسكي، والمتهم بتدبير مخطط مالي معقّد داخل قطاع الطاقة.
وكان مينديتش، وهو أحد مؤسسي شركة الإنتاج التلفزيوني كفارتال 95 التي أسسها زيلينسكي قبل توليه الرئاسة، قد وُجهت إليه الأسبوع الماضي اتهامات بالاستيلاء على أموال عامة وتبييضها عبر عقود مزيفة مع مؤسسات الطاقة الحكومية.
رد الوزير وتعليق الحكومة
وفي أول تعليق له على القرار، كتب غالوشينكو على صفحته في “فيسبوك” قائلاً: “تعليقي عن العمل خطوة متحضرة وصحيحة، سأدافع عن نفسي أمام القضاء وأثبت موقفي.”
وأكدت وزارة العدل الأوكرانية أنها تتعاون بشكل كامل مع المحققين و”لن تتهاون مطلقاً مع أي ممارسات فساد”.
غضب شعبي في ظل أزمة طاقة
تأتي هذه الفضيحة في وقت تواجه فيه أوكرانيا أزمة طاقة خانقة بسبب الهجمات الروسية المتواصلة على البنية التحتية الكهربائية، ما يؤدي إلى انقطاعات يومية طويلة في التيار مع اقتراب فصل الشتاء القارس.
وأثار الكشف عن مخطط الفساد غضباً واسعاً لدى المواطنين الذين يعانون من نقص الطاقة، بينما تتحدث الحكومة عن “ضرورة محاسبة جميع المتورطين مهما كانت مناصبهم”.
ويرى محللون أن هذه القضية تمثل اختباراً جديداً لالتزام زيلينسكي بمكافحة الفساد، وهو أحد الشروط الجوهرية لاقتراب أوكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
فبعد سنوات من الوعود بالإصلاح، تكشف التحقيقات الأخيرة عن عمق المشكلات البنيوية داخل مؤسسات الدولة، ما قد يعرقل جهود كييف في تحسين صورتها أمام شركائها الغربيين الذين يموّلون الجزء الأكبر من مساعداتها المالية والعسكرية.
تحرير: عماد غانم
Source link



