أخبار العالم

أطباء سوريون من “مستشفى الموت” إلى مستشفيات ألمانية – DW – 2025/12/4

لعبت المستشفيات العسكرية السورية دورًا محوريًا في آلة القتل الممنهج التابعة لنظام بشار الأسد. هذا ما كشف عنه تحقيق استقصائي دولي واسع، أظهر أن أطباء عملوا في هذه المستشفيات يمارسون مهنتهم حاليًا في ألمانيا، بعضهم في مناصب قيادية.

يستند التحقيق إلى “ملف دمشق” (Damascus Dossier)، وهو مجموعة ضخمة من الوثائق والصور المسربة من أجهزة المخابرات السورية، والتي توثق التعذيب والقتل داخل السجون. وتكشف الشهادات المروعة لسجناء سابقين عن طبيعة الانتهاكات الجسيمة التي وقعت في مستشفى حرستا العسكري، الذي وصفه أحد الناجين بـ “مستشفى الموت”.

من حرستا .. إلى مستشفيات ألمانيا

تمكن فريق التحقيقات الذي عمل على “ملف دمشق” من تحديد 18 طبيبًا سابقًا في حرستا يعيشون ويعملون كأطباء في ألمانيا حاليًا. وقد نفى جميع الأطباء الذين تم التحدث معهم ضلوعهم في الأمر، مؤكدين أن سوء معاملة السجناء كان يتم من قبل حراس الأمن، وأنهم قاموا بعملهم دائمًا بشكل صحيح.

ومع ذلك، أكد أحد الأطباء أنه كان لديه إمكانية الوصول إلى الطابق السابع في المستشفى، وأقر بحدوث التعذيب الممنهج فيه. لكن التحقيق لم يتمكن من إثبات تجاوز فردي لأي طبيب، ويبقى مبدأ افتراض البراءة ساريًا وفق ما ذكر الموقع الألماني.

دخان يتصاعد بالقرب من مستشفى عسكري في حرستا، شمال شرق دمشق
أكد أحد الأطباء أنه كان لديه إمكانية الوصول إلى الطابق السابع في المستشفى، وأقر بحدوث التعذيب الممنهج فيهصورة من: Anagha Subhash Nair/Middle East Images/picture alliance

شهادات حية من “مستشفى الموت”

يروي فراس الشاطر، وهو أحد ضحايا التعذيب، لموقع تاغس شاو الألماني تجربته بعد نقله إلى مستشفى حرستا العسكري عام 2012. يصف الشاطر كيف تم تقييده بالسلاسل إلى سرير في الطابق السابع، وكانت عيناه مغطاة، ليقضي تسعة أيام من العذاب المتواصل.

يقول: “في السجن، يتم تعذيبك أثناء الاستجواب لأنهم يريدون معرفة شيء منك. أما في حرستا، فكان يتم تعذيبك على مدار 24 ساعة دون أي سبب”.

ويصف الشاطر في شهادته وشهود آخرون كيف كان الجنود ينهالون على المرضى بالضرب العشوائي باستخدام القبضات والأحزمة. ويؤكد الشهود أن الممرضين والممرضات شاركوا في التعذيب، حيث يروي الشاطر أن ممرضة أطفأت سيجارتها على قدمه “هكذا ببساطة”، مشيرًا إلى أن العديد من رفاقه السجناء لم ينجوا من هذا المصير، وفق ما نقل موقع تاغيس شاو.

تواطؤ في التعذيب

تضمنت الشهادات اتهامات مباشرة للأطباء بالتحول إلى جلادين. نائل المغربي، الذي قضى أربعة أشهر سجينًا في الطابق السابع، يروي كيف قام طبيب بلف البراغي التي تثبت عظام ساقه المكسورة دون تخدير بعد إصابته بطلق ناري من قوات الأمن. يقول المغربي: “صرخت من الألم حتى فقدت الوعي”.

ويشير التحقيق إلى أن الأحداث في حرستا كان يمكن أن تظل جريمة مجهولة أخرى لنظام الأسد، لولا “ملف دمشق” الذي قدم أسماء المسؤولين وأثبت الدور البارز للمستشفى في آلة القتل.

شهادات وفاة مزورة

يحتوي “ملف دمشق” على أكثر من سبعين شهادة وفاة صادرة عن مستشفى حرستا، موقعة من أطبائه، تؤكد وفاة سجناء المخابرات السورية. اللافت أن هذه الشهادات زعمت في عدد غير عادي من الحالات أن سبب الوفاة هو “سكتة قلبية”.

ويؤكد طبيب سابق، وقع على شهادات الوفاة في حرستا وفضل عدم الكشف عن هويته، أن هذا كان تضليلاً متعمدًا للسبب الحقيقي للوفاة. ويوضح: “لا يمكنني أن أكتب: لقد تعرض للتعذيب وهو الآن ميت”.

دخان يتصاعد بالقرب من مستشفى عسكري في حرستا، شمال شرق دمشق
يحتوي “ملف دمشق” على أكثر من سبعين شهادة وفاة صادرة عن مستشفى حرستا، موقعة من أطبائه، تؤكد وفاة سجناء المخابرات السورية.صورة من: Anagha Subhash Nair/Middle East Images/picture alliance

ملاحقة قانونية

أشار المدعي العام الألماني، ينس روميل، إلى أن إصدار شهادات وفاة كاذبة قد يكون أمراً متصلاً بالقانون الجنائي، حيث يمكن اعتباره “مساعدة إجرامية” في عمليات القتل الممنهج، لأنه يساهم في إخفاء هذه الجرائم.

بموجب القانون الجنائي الدولي، يمكن للمدعي العام الألماني ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية الذين ارتكبوا أفعالهم في الخارج، حتى لو لم يكن الضحايا مواطنين ألمان.

وفي هذا الصدد، طالبت سوزانه يوهنا، رئيسة اتحاد ماربورغ للأطباء في ألمانيا، المحققين الجنائيين في ألمانيا بمتابعة هذه الأدلة بسرعة. وأكدت أن الأطباء من أصل سوري هم “دعامة لا غنى عنها في الرعاية الطبية”، ولكن يجب تحديد الأطباء القلائل الذين ربما ارتكبوا أخطاء في سوريا، مشددة على أنه “إذا ثبت بالفعل تورط طبيب في التعذيب، فلا يجب أن يمارس المهنة في ألمانيا بأي حال من الأحوال”.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى