
أفادت ثلاثة مصادر متطابقة، يوم الاثنين، بوقوع اشتباكات شرسة بين مجموعات من قبيلة البني هلبة في منطقة بوبة الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات جنوب مدينة عد الفرسان بولاية جنوب دارفور، ما أسفر عن مقــ تل شخصين وإصابة أكثر من 18 آخرين بجروح متفاوتة، بعضها في حالة حرجة. وتأتي هذه المواجهات في سياق تصاعد النزاعات القبلية التي تشهدها المنطقة من حين إلى آخر، وسط ضعف واضح في آليات التدخل السريع وغياب التنسيق بين السلطات المحلية والقوى الأمنية. وتقع مدينة عد الفرسان على مسافة تقارب 86 كيلومتراً جنوب غرب مدينة نيالا، وتعد من المناطق التي تشهد توتراً متكرراً بسبب النزاعات المرتبطة بالموارد والرعي.
خلفية النزاع
بحسب مصدر رفيع في الإدارة المدنية بجنوب دارفور، اندلع القتال في ساعات العصر من يوم الاثنين عقب حادثة سرقة واسعة طالت عدداً كبيراً من الأبقار في المنطقة، الأمر الذي فجّر مواجهات مباشرة بين بطون من قبيلة البني هلبة، وتحديداً بين مجموعتي الفيارين وأولاد وادي. وأوضح المصدر أن الاشتباكات تطورت بسرعة إلى مواجهات مسلحة، استخدمت فيها أسلحة نارية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين. وأشار إلى أن بعض المصابين تم نقلهم إلى مستشفى مدينة نيالا لتلقي العلاج، بينما تم تحويل آخرين إلى المستشفى الريفي في عد الفرسان، وسط مخاوف من تدهور حالتهم الصحية بسبب محدودية الإمكانيات الطبية في المنطقة.
انحياز مسلح
في تطور لافت، كشف المصدر ذاته أن عناصر من قوات الدعم السريع المنتشرة في المنطقة انحازوا إلى بطونهم القبلية خلال الاشتباكات، دون أن يصدر أي تدخل رسمي من قيادة القوات أو الإدارة الأهلية لاحتواء الموقف. هذا الانحياز أثار قلقاً واسعاً في الأوساط المحلية، خاصة في ظل غياب أي إجراءات لوقف التصعيد أو فرض تهدئة ميدانية. ويعكس هذا السلوك تحديات عميقة في بنية القوات النظامية، التي يُفترض أن تلعب دوراً محايداً في مثل هذه النزاعات، لا سيما في مناطق تشهد هشاشة أمنية وتوترات اجتماعية متكررة.
توتر مستمر
من جهته، أفاد شاهد عيان من المنطقة، فضّل عدم الكشف عن هويته، بأن الوضع لا يزال متوتراً حتى مساء الاثنين، مع استمرار عمليات الحشد من كلا الطرفين استعداداً لجولة جديدة من القتال. وأشار إلى أن مجموعات مسلحة من الطرفين بدأت في استقدام مزيد من المقاتلين من المناطق المجاورة، ما ينذر باتساع رقعة الاشتباكات في حال عدم تدخل السلطات بشكل عاجل. وأضاف أن السكان المحليين يعيشون حالة من القلق والترقب، وسط غياب أي مؤشرات على تهدئة محتملة أو جهود وساطة تقودها الإدارة الأهلية أو الجهات الرسمية.
نمط متكرر
تُعد هذه الحادثة امتداداً لسلسلة من النزاعات القبلية التي تشهدها مناطق دارفور بين الحين والآخر، وغالباً ما تبدأ بسرقات أو خلافات على الموارد، ثم تتطور إلى مواجهات مسلحة توقع خسائر بشرية كبيرة. ويعاني الإقليم من انتشار واسع للسلاح بين المدنيين، ما يجعل من أي خلاف محلي شرارة لنزاع دموي يصعب احتواؤه. وتؤكد هذه الحوادث الحاجة الملحة إلى إعادة هيكلة المنظومة الأمنية وتعزيز دور الإدارة الأهلية في فض النزاعات، إلى جانب ضرورة إطلاق مبادرات مجتمعية تهدف إلى بناء الثقة بين المكونات القبلية وتوفير آليات فعالة للتعامل مع الأزمات قبل تفاقمها.
		  	
	
Source link
 
				

