اخبار السودان

مجلس العموم يناقش أزمة السودان ويطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم في الفاشر

في جلسة برلمانية حاسمة، ناقش مجلس العموم البريطاني تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان، مع تركيز خاص على الانتهاكات المروعة في مدينة الفاشر، حيث أثار تقدم قوات الدعم السريع موجة من الفظائع ضد المدنيين، وسط دعوات متزايدة لتحرك دولي عاجل لوقف العنف ومحاسبة المسؤولين عنه.

فظائع الفاشر

خلال جلسة عقدها مجلس العموم البريطاني يوم الخميس لمناقشة تطورات النزاع في السودان، وصف وزير الدولة المكلف بالشؤون الخارجية ستيفين داوتي التقارير الواردة عن الفظائع الجماعية والتهجير القسري في مدينة الفاشر بأنها “مروعة ومقلقة للغاية”. الجلسة ركزت على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المدينة، حيث تعرض المدنيون، بمن فيهم النساء والأطفال، لهجمات عنيفة شملت الاعتداء على المستشفى السعودي للأمومة، وسط تقارير موثوقة عن عمليات تطهير عرقي وقتل جماعي واستخدام الاغتصاب كسلاح حرب. هذه الانتهاكات أثارت قلقًا واسعًا داخل البرلمان، ودعوات متكررة لمحاسبة مرتكبي الجرائم وضمان حماية المدنيين.

أزمة متفاقمة

أظهرت المداولات البرلمانية أن السودان يواجه كارثة إنسانية متصاعدة، حيث يعاني أكثر من 3.5 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، فيما نزح ملايين المدنيين من منازلهم بسبب تصاعد القتال. كما قُتل ثمانية من عمال الإغاثة مؤخرًا في مناطق النزاع، وفر آلاف المدنيين إلى منطقة طويلة بحثًا عن الأمان. النواب شددوا على ضرورة وقف فوري للعنف واحترام القانون الإنساني الدولي، مطالبين الأطراف المتحاربة بضبط النفس والامتثال للمعايير الدولية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، مع الإشارة إلى ضعف اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة السودانية مقارنة بأزمات أخرى حول العالم.

موقف الحكومة

في رده على مداخلات النواب، أكد الوزير ستيفين داوتي أن الحكومة البريطانية تدين بأشد العبارات الانتهاكات الجارية في السودان، وتعمل بالتنسيق مع شركائها الدوليين، بما في ذلك مجموعة الكواد والممثلين الخاصين للأمم المتحدة، للضغط على أطراف الصراع. كما أعلنت الحكومة أنها ستدعو مجلس الأمن الدولي إلى المطالبة بوقف فوري للعنف، واحترام القانون الإنساني الدولي، ووقف الجرائم المرتبطة بالعنف الجنسي. وأكدت دعمها لتجديد تفويض لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، ومساندتها للمنظمات التي تجمع الأدلة وتوثق الجرائم، بالإضافة إلى تأييدها للمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

دعم إنساني

أشار داوتي إلى أن المملكة المتحدة تُعد ثالث أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للسودان، حيث خصصت 130 مليون جنيه إسترليني خلال العام الجاري، وصلت عبرها المساعدات إلى ملايين السودانيين داخل البلاد وخارجها. هذا الدعم يأتي في إطار التزام لندن بتخفيف آثار النزاع على المدنيين، وتعزيز جهود الإغاثة في المناطق المتضررة. النواب طالبوا الحكومة بمواصلة هذا الدعم، وتكثيف جهودها الدبلوماسية مع الاتحاد الأفريقي للمساعدة في إنهاء الحرب، وضمان حماية النازحين واللاجئين السودانيين في دول الجوار، خاصة النساء والفتيات المعرضات للعنف الجنسي والانتهاكات الجسيمة.

جدل الأسلحة

وفيما يتعلق بتصدير الأسلحة البريطانية إلى السودان، نفت الحكومة وجود أي شحنات أو معدات عسكرية تم نقلها إلى أطراف النزاع، مؤكدة أن نظام الرقابة البريطاني صارم للغاية، وأنها تتعامل بجدية مع أي مزاعم حول انتهاك حظر السلاح المفروض على السودان. ومع ذلك، عبّر عدد من النواب عن مخاوفهم بشأن فعالية هذا النظام، مشيرين إلى تقارير تفيد بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تزود قوات الدعم السريع بأسلحة قد يكون مصدرها بريطانيا. النواب دعوا الحكومة إلى استخدام نفوذها لدى الإمارات لضمان وقف أي دعم عسكري لقوات الدعم السريع، وحثّوا أبوظبي على المساهمة في وقف القتال.

دعوة للتحرك

في ختام الجلسة، شدد النواب على أهمية جمع الأدلة وتوثيق الجرائم لضمان تحقيق العدالة والمساءلة في المستقبل، وطالبوا الحكومة البريطانية بإجراء تقييم مستمر لاحتمال وقوع إبادة جماعية في السودان. كما دعوا إلى تحرك دولي عاجل وفعّال، مؤكدين أن الوضع في السودان بلغ مستوى من الخطورة يتطلب قيادة أخلاقية وسياسية من المملكة المتحدة لإنهاء المأساة، وحماية المدنيين، وتحقيق العدالة عبر المسارات القانونية والدبلوماسية. هذه الدعوات تعكس إدراكًا متزايدًا داخل البرلمان البريطاني لحجم الكارثة الإنسانية في السودان، والحاجة إلى تدخل دولي حاسم لوقف الانهيار.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى