أخبار العالم

اقتصاد ألمانياـ “الحكماء” يقترحون وصفة لإنعاش “قاطرة أوروبا” – DW – 2025/11/13

يُنظر إلى التقرير السنوي الذي يصدره “مجلس حكماء الاقتصاد” عن الاقتصاد الألماني باعتباره بمثابة كشف حساب أو تقييم لأداء أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

ويكتسب تقرير هذا العام أهمية خاصة لكونه الأول الذي يُقدم في ظل حكومة المستشار فريدريش ميرتس التي تولت زمام الأمور قبل ستة أشهر. وقد وضعت الحكومة قضية النمو الاقتصادي في صدارة أولوياتها، غير أن المؤشرات والأرقام تشير إلى أن الاقتصاد الألماني لم يخرج من أزمته بعد.

يُذكر أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا يضم الاتحاد المسيحي، المكون من حزب ميرتس (الحزب المسيحي الديمقراطي) وشقيقه الأصغر (الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري)، بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

 المستشار فريدريش ميرتس
وقد وضعت حكومة المستشار فريدريش ميرتس قضية النمو الاقتصادي في صدارة أولوياتها.صورة من: Jan Woitas/dpa/picture alliance

لا انتعاش حقيقي في الأفق

تشير التقديرات إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيبلغ نسبة ضئيلة قدرها 0.2٪ هذا العام، بينما يُتوقع أن تصل النسبة العام المقبل إلى 0.9 بالمئة.

ومع ذلك، وبالنظر إلى السنوات الماضية، فإن نسب النمو – حتى وإن كانت ضئيلة – تحمل في طياتها مؤشرات إيجابية.

وفي تعليقها، قالت رئيسة مجلس الخبراء الاقتصاديين للحكومة الألمانية، مونيكا شنيتزر، إنه بعد عامين من الركود، “يتحول الاتجاه الاقتصادي في ألمانيا أخيراً من السالب إلى الموجب هذا العام”.

ورغم ذلك، فإن الاقتصاد الألماني ما زال يسعى للحاق باقتصادات نظرائه الأوروبيين، ما يوحي بأن الطريق نحو انتعاش حقيقي لا يزال طويلا.

وفي هذا السياق، حذرت شنيتزر من أنه من أجل عودة الاقتصاد إلى مسار نمو مستدام، “يتعين رفع الإنتاجية، لا سيما من خلال المزيد من الابتكار والاستثمار”. وأضافت أن على ألمانيا أن تطوّر رؤى جديدة للنمو ولتحقيق سياسات أمنية في ظل التحديات الجيوسياسية والهيكلية الراهنة.

سدّ العجز بدل الاستثمار

يُذكر أن مجلس “حكماء الاقتصاد” هو هيئة استشارية تابعة لمجلس الوزراء الألماني، تضم خمسة من كبار الخبراء في مجال الاقتصاد، واسمها الرسمي هو “مجلس الخبراء لتقييم التنمية الاقتصادية الشاملة.

وجاء التقرير السنوي لهذا العام تحت عنوان “خلق آفاق للغد وعدم تبديد الفرص”. ويشير العنوان إلى “الصندوق الخاص بقيمة 500 مليار يورو للأعوام العشرة المقبلة” المخصص لتطوير الاقتصاد وتعزيز الإنفاق الدفاعي وضخ استثمارات في مشاريع البنية التحتية مثل النقل والرقمنة وبناء المدارس.

ويرى المجلس أن هذه الحزمة المالية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على النمو، لكن حساباته تشير إلى أن الأموال قد تُحوّل إلى وجهات أخرى.

وأعربت شنيتزر عن قلقها من أن يبقى الأثر الفعلي على النمو منخفضاً في هذه الحالة.

ورأى التقرير أنه يجب عدم استخدام هذه الموارد المالية لتمويل “تدابير مشكوك فيها” مثل توسيع “معاش الأمهات” أو زيادة الخصم الضريبي الممنوح للسائقين عن رحلاتهم اليومية إلى العمل، لأنها تأتي على حساب الاستقرار المالي طويل الأمد.

وحذرت شنيتزر من أنه من الضروري “تعديل هذه الخطط إذا كانت هناك إرادة لعدم هدر الفرص التي يوفرها مثل هذا الصندوق“.

الحكومة ليست ملزمة باتباع نصائح الخبراء

استمع ميرتس وبيربل باس، الرئيسة المشاركة للحزب الاشتراكي الديمقراطي والتي تتولى منصب وزيرة العمل، إلى الانتقادات التي حملها التقرير.

بيد أنه من غير المرجح أن تقدم الحكومة على تغيير خططها، فالحاجات المالية والثغرات في الميزانية كبيرة للغاية.

وفي رده على تحذيرات الخبراء، قال ميرتس: “اتخذنا بعض قرارات ذات طبيعة سياسية تُنظر إليها بشكل نقدي من الخبراء“. ومع ذلك، تحظى بعض النقاط بموافقة ضمنية من الحكومة.

وفي هذا السياق، قال ميرتس: “نتشارك أيضا التقييم القائل بأن العبء المرتفع للضرائب والاقتطاعات الأخرى يعيق النشاط الاستثماري في ألمانيا. يجب تحسين القدرة التنافسية لتكاليف اقتصادنا“.

وتُعد فاتورة الطاقة المرتفعة في ألمانيا عاملا آخر في هذا السياق، وتُجرى حاليا مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لخفض تكاليف الكهرباء.

وفي هذا السياق، قال ميرتس: “أؤكد لكم أن الحكومة الاتحادية حريصة جداً على إيجاد حلول في بروكسل هذا العام“.

الإعفاءات الضريبية والدعم المالي

وأعاد ميرتس الإشارة إلى طريقته لإعادة قطار النشاط الاقتصادي في ألمانيا إلى مساره، بداية من حوافز ضريبية تستهدف تشجيع الشركات على الاستثمار ووصولا إلى خفض ضرائب الشركات اعتباراً من عام 2028 وإصلاح مساهمات الضمان الاجتماعي.

وقد ظلت نسبة مساهمات أصحاب العمل والموظفين لقطاع التأمين الصحي ورعاية المسنين وصناديق التقاعد في ارتفاع مستمر منذ سنوات.

يُشار إلى أن المجتمع في ألمانيا يتجه نحو الشيخوخة، حيث يتعين على عدد متناقص من العاملين تمويل أعداد متزايدة من المتقاعدين. وسوف يتم تدفق إعانات تفوق 120 مليار يورو إلى صناديق التقاعد هذا العام، وهو أكبر بند في الميزانية.

رجل يتفقد النفايات في برلين (أرشيف)
يطال الفقر في القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا أكثر من 13 مليون شخص ما يعني شخصا من أصل سبعة بحسب الإحصاءات الرسمية.صورة من: Wolfram Steinberg/dpa/picture alliance

ثروات أكبر وفقر أعمق

يوصي التقرير بضرورة بذل المزيد من الجهود لدعم الادخار الخاص للتقاعد، مشيرا إلى أن عدم المساواة في الثروة في ألمانيا مرتفع مقارنة بالمعايير الأوروبية.

ويدعو التقرير الحكومة إلى ضرورة أن تساعد الأسر الخاصة في بناء الأصول، على سبيل المثال من خلال محفظة تقاعدية مدعومة حكوميا يمكن استخدامها لكل من المعاشات الخاصة وتراكم الثروة بشكل عام.

ويُقدر أن ما بين 30 إلى 50% من الثروة الخاصة يأتي من الميراث والتبرعات. وينتقد الباحثون حقيقة أن الميراث والتبرعات تخضعان لضرائب مختلفة، حيث تحظى الأصول التجارية بمعاملة خاصة.

ومن أجل تفادي اضطرار الشركات إلى البيع أو الإغلاق بسبب عدم قدرة المالكين الجدد على دفع ضريبة الميراث من أصولهم الخاصة القائمة، غالبا ما تُفرض ضرائب منخفضة نسبيا على الميراث والهبات الكبيرة جدا.

ويوصي الخبراء بتقليص الإعفاءات الضريبية من هذا النوع بشكل كبير، واستبدالها بخيارات تسمح بالدفع على أقساط.

وقد قدم الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وكذلك المعارضة المتمثلة في حزب الخضر  وحزب اليسار، بالفعل مقترحات مماثلة لإصلاح ضريبة الميراث.

أما تكتل الاتحاد المسيحي فيرى أن الشركات ليست محمية بما فيه الكفاية.  وتقوم المحكمة الدستورية الاتحادية حالياً بفحص قواعد ضريبة الميراث في ألمانيا، وبناءً على حكمها قد تُضطر الحكومة قريبا إلى إعادة تنظيم هذا النوع من الضرائب.

أعده للعربية: محمد فرحان 

تحرير: عبده جميل المخلافي

 


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى