أخبار العالم

هل يتكرر سيناريو صنصال مع الصحفي الفرنسي المسجون في الجزائر؟ – DW – 2025/12/6

أيدت محكمة استئناف جزائرية منتصف هذا الأسبوع الحكم بالسجن سبع سنوات على الصحفي الفرنسي كريستوف غليز المسجون منذ حزيران/يونيو الماضي بتهمة “الإشادة بالإرهاب”، وأعلن رئيس المحكمة في ختام الجلسة تأييد الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية.

وأوقف غليز في 28 أيار/مايو 2024 ووضع تحت الرقابة القضائية، بتهمة دخول البلاد في مهمة عمل بتأشيرة سياحية و”الإشادة بالإرهاب وحيازة منشورات بهدف الدعاية التي تضر بالمصلحة الوطنية”. وحُكم عليه في نهاية تموز/يونيو بالسجن سبع سنوات.

من بين التهم التي وُجهت إليه أنه كان على اتصال مع أحد القائمين على نادي شبيبة القبائل، الذي يُعتبر أيضاً مسؤولاً في حركة انفصالية تطالب باستقلال منطقة القبائل، وصنفتها السلطات الجزائرية منظمة إرهابية في عام 2021.

“معركة سياسية، لا قضائية”

بعد صدور الحكم بيوم واحد، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون “تلقى بقلق بالغ نبأ الحكم على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، وأنه سيواصل العمل مع السلطات الجزائرية حتى إطلاق سراحه وعودته إلى فرنسا في أقرب وقت ممكن”. كما أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن “أسفها الشديد” لتأييد الحكم، ودعت إلى “إطلاق سراحه”.

المحامي والحقوقي الجزائري، إسماعيل معراف، يرى أن “قضية الصحفي الفرنسي، كريستوف، مفتعلة من طرف النظام الجزائري مثل قضية بوعلام صنصال مع اختلاف التهم، ولكن المعركة في كليهما ليست قضائية، بل سياسية يقودها النظام لابتزاز النظام الفرنسي لدفعه لسحب الاعتراف بمغربية الصحراء“.

هذا الأمر أعطى انطباعاً لكل الملاحظين، حسب المتحدث في تصريحاته لـ DW، “أن مصير هذا الصحفي الفرنسي سيكون مشابهاً لمصير بوعلام صنصال“. وعن أسباب ذلك قال: “لأن التهم التي نسبت لصنصال كانت أخطر بكثير، لاسيما أنه في فرنسا بدأت المصالحة تلوح في الأفق، وكان من المبرمج أن تكون هناك زيارة لوزير الداخلية الفرنسي للجزائر لإعادة التوازن للعلاقات بين البلدين”.

وأوضح معراف أن “العلاقات الفرنسية الجزائرية تمر بأسوء مراحلها، والنظام الجزائري يستعمل مثل هذه الملفات الحقوقية لأجل ضغط أكبر على فرنسا، لأنه يعرف وزن حقوق الإنسان والحريات في فرنسا”.

وشدد المتحدث أن إخفاق ماكرون في استعادة هذا الصحفي “سيكلفه كثيراً على مستوى شعبيته ومستقبله السياسي، لكن النظام الجزائري يعيش ضغوطات قوية داخلياً، ويعاني كثيراً من فشل مخططاته السياسية والديبلوماسية، وبالتالي سيضطر للانصياع لفرنسا التي دائماً ما تُنقِذ هذا النظام”، على حد تعبيره.

الحريات في الجزائر .. إلى أين؟

قضية كل من بوعلام صنصال وكريستوف غليز ليستا الوحيدتين اللتين أثارتا السخط في الداخل والخارج؛ فقضية الصحفي سعد بوعقبة مثال آخر على تدهور حال الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر. أدين سعد بوعقبة بثلاث سنوات سجناً موقوفة التنفيذ، بعد اتهامه بالإساءة للرئيس الراحل أحمد بن بلة، خلال مقابلة تلفزيونية على قناة رؤية، التي حُكِمَ على مديرها أيضاً بالسجن موقوف التنفيذ، وتم تشميع مقرها.

وكان الصحفي الذي يعد أشهر كتاب العمود في الصحافة الجزائرية، قد استند إلى كتاب صدر في فرنسا نقل عن المصرفي السويسري فرانسوا جونو ما وصفه بـ”تورط قادة تاريخيين في تقاسم أموال جبهة التحرير الوطني المودعة في سويسرا خلال فترة الستينات والسبعينيات”.

كما أيد مجلس قضاء الجزائر الحكم الابتدائي الصادر ضد الباحث في التاريخ الدكتور محمد الأمين بلغيث، بـ5 سنوات سجناً، بعد إعادة محاكمته في الاستئناف، بسبب تهم “نشر خطاب الكراهية والتمييز عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال”، و”الترويج عمداً لأخبار مغرضة من شأنها المساس بالنظام العام”، و”المساس بسلامة وحدة الوطن”.

مثل هذه القضايا والأحكام الصادرة فيها، جعلت الحقوقي الجزائري إسماعيل معراف يرى أن “حرية التعبير في الجزائر والحريات عموماً منتهكة منذ مدة، وليس فقط خلال ولاية الرئيس تبون“. وأضاف المتحدث: “قضايا مثل قضية بلغيث، كان يجب أن تناقش داخل الجامعات ومراكز البحث وليس أمام القضاء، لأنها قضية تاريخية يجب أن تناقش سياسياً مع متخصصين وأكاديميين. والشيء نفسه في قضية بوعقبة، الذي زج به في السجون في عمر 80 سنة، ولكن النظام يوضح أنه في هذه القضايا وغيرها، لا يتوقف عن محاولة لتكميم أفواه المعارضة”.

الجزائر والمحيط الدولي.. أزمة متفاقمة!

أدانت منظمة مراسلون بلا حدود القرار بحق الصحافي الذي اعتبرت أنه “لم يكن يقوم إلا بعمله”، وصرح تيبو بروتين، المدير العام للمنظمة التي تدعم غليز إلى جانب العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، أنه “لا ينبغي أن يكون في السجن، فهو غير مذنب سوى أنه مارس مهنته كصحافي رياضي”.

وكريستوف غليز حسب تقرير للمنظمة، هو الصحفي الفرنسي الوحيد المحتجز في الوقت الحالي، المتعاون مع مجلتي “So Foot” و”Society”، كان قد حلّ بالجزائر في مايو/أيار 2024 لإنجاز ريبورتاج عن تاريخ نادي شبيبة القبائل وأمجاده خلال سنوات الثمانينيات، لكنه فوجئ باعتقاله ثم الحُكم عليه في 29 يونيو/حزيران 2025 بسبع سنوات سجناً بعد اتهامه بعدة تهم، تقول المنظمة أنه “لا أساس لها من الصحة والمنطق على الإطلاق، إذ زُج به خلف القضبان لا لشيء سوى لأنه قام بعمله الإعلامي كما يجب”.

ويرى المحلل الجزائري إسماعيل معراف، أن “المجتمع الدولي والمنظمات تنظر بعين غير راضية لواقع الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر، ولولا الأوضاع العالمية لكان المجتمع الدولي قد انتبه أكثر لواقع النظام السياسي في الجزائر. لكن رغم ذلك، يبقى النظام حالياً معزولاً من حيث علاقته بدول مهمة وتصنيفات المؤسسات الدولية، وحتى على المستوى الداخلي، فـ 90 بالمئة من المواطنين ينددون بقرارات السلطة”.

وأضاف المتحدث أن “النظام يعادي الكثير من الدول ليستمر في السلطة ويختبئ وراء نظرية المؤامرة، مما تسبب في هجرة الكثير من المعارضين والمنتقدين، فواقع الحريات والحقوق السياسية والاجتماعية في البلد، صارت متردية، والنظام مزال يقبع في فترة ما قبل الاستقلال، ويحكم بمنطق لا يساير العصر. ويختم بالقول: “إذا استمر مناخ الحريات بهذا الشكل، ستكون الجزائر مهددة بالكثير من المشاكل مستقبلاً”.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى