
طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولغر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية. وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) نشرتها اليوم السبت (27 ديسمبر/ كانون الأول 2025): “ألمانيا بحاجة إلى خطوة كبيرة، وإلا فإننا مهددون بأزمة دائمة. نحن نعيش أطول أزمة منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية”.
وبعد عامين متتاليين من الركود، يُتوقع لعام 2025 نمو طفيف للغاية في الناتج المحلي الإجمالي، فيما لا يتوقع خبراء الاقتصاد انتعاشاً ملموساً في العام المقبل.
روسيا والصين وترامب
وأضاف دولغر: “العالم يتغير بسرعة، وعلينا أن نتحرك إذا أردنا ألا نتخلف عن الركب”، مشيراً إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تحدث في مؤتمر أرباب العمل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن “تحول تاريخي”، مذكرا ًبالحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا، والأنظمة السلطوية في العالم، والصين التي تتصرف بشكل أكثر عدوانية، إضافة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يحاول فرض سياسة “أمريكا أولاً” عبر الرسوم الجمركية.
البيروقراطية
وقال دولغر: “هذا التحول يجب أن يدفعنا إلى أن نصبح أقل بيروقراطية وأكثر سرعة، وأن نعيد هيكلة دولتنا الاجتماعية. الأزمات الخارجية تجعل الإصلاحات الداخلية أكثر ضرورة من أي وقت مضى. أُذكِّر المستشار دائما بأن السياسة الخارجية والأمنية الجيدة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الاقتصاد ينمو”، مؤكداً أن عام 2026 يجب أن يكون عام الإصلاحات الجذرية. وطالب دولغر بشكل محدد بتقليص كبير في البيروقراطية، ما يمنح الشركات والمواطنين حرية أكبر للتطور، إضافة إلى زيادة صافي الدخل من الأجور.
المساعدات الاجتماعية
كما دعا إلى إصلاحات في نظام دولة الرفاه الاجتماعي بما يهدف إلى خفض التكاليف، قائلاً: “يجب أن يصبح نظامنا الاجتماعي أكثر استهدافاً للمستحقين وأكثر عدالة، وأن يكون العمل أكثر جاذبية من عدم العمل. كل ذلك سيجعل ألمانيا أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب. الاستثمارات في عشرينيات هذا القرن ستقود إلى نمو في ثلاثينياته”.
وكان ميرتس أعلن مراراً عن خطط لإصلاحات جذرية، من بينها تشكيل لجنة معنية بالتقاعد، على أن تقدم مقترحاتها بحلول منتصف 2026، ومن المتوقع أن تشمل رفع سن التقاعد.
نقابات العمال تدلي بدلوها
طالبت رئيسة نقابة “آي جي ميتال” – أكبر نقابة عمالية في ألمانيا – الشركات الألمانية بأن تتحرك بالتعاون مع الأوساط السياسية والعاملين للخروج من الأزمة العميقة التي تواجه الصناعة الألمانية. وقالت كريستيانه بينر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في ضوء الرسوم الجمركية الأمريكية، وتقدم الصين، وارتفاع أسعار الطاقة بسبب حرب أوكرانيا: “التحديات التي تواجه الاقتصاد الألماني هائلة. نموذج التصدير في خطر”.
ودعت بينر إلى استثمارات أوروبية موجهة نحو الرقمنة والتقنيات المستقبلية مثل تكنولوجيا البطاريات، مشيرة إلى أن التراجع عن قرار إنهاء محركات الاحتراق في 2035 يمنح الصناعات الأساسية وقتاً كافياً للبحث عن حلول أفضل والحفاظ على البنية الصناعية، وقالت: “الكثير على المحك. بدون صناعة تصبح ألمانيا بلداً فقيراً، وإذا فقدنا الرفاهية فإننا نهدد ديمقراطيتنا”.
صناعة السيارات
وأضافت بينر أن قرار بروكسل يمنح قطاع السيارات مزيداً من الوقت، مؤكدة أن المسار الرئيسي يبقى كهربائياً، لكن المرونة في أنظمة المحركات ضرورية، إذ يمكن تحقيق الأثر البيئي المطلوب باستخدام “الصلب الأخضر” والوقود المتجدد.
تأهيل العمال ودولة الرفاه
وقالت: “سنكسب وقتاً، خاصة في قطاع التوريد، وهذا الوقت ضروري لتأهيل العاملين وجعل التحول أكثر عدالة اجتماعياً. الآن لم تعد هناك أعذار للشركات. حماية الوظائف يجب أن تكون في المقام الأول”. وشددت بينر على ضرورة تأهيل العاملين بدلاً من دفعهم إلى التقاعد المبكر أو البطالة، موضحة أن هناك قطاعات تنمو وتحتاج إلى كوادر، مثل صناعة الطيران، والتقنيات الطبية، ومجال تحول الطاقة، وليس فقط الدفاع، منتقدة إغلاق المصانع بلا خطة ونقل البحث والتطوير إلى آسيا أو شرق أوروبا، معتبرة أن ذلك “يدمر هياكل كاملة”.
وأكدت بينر أن الشركات مطالبة الآن بتقديم خطط واضحة، وقالت: “نحتاج إلى مديري أزمات حقيقيين. نصف الشركات تقريباً بلا استراتيجية مستقبلية، وبدلا من ذلك نسمع شكاوى عن دولة الرفاه الاجتماعي”، مطالبة بوقف الانتقادات المستمرة للنظام الاجتماعي.
وأشارت إلى أن الحكومة قدمت بالفعل تخفيفات مثل دعم تكاليف الطاقة، وتشجيع التنقل الكهربائي، وتحسين حساب الإهلاكات للأغراض الضريبية، لكنها لا تلقى التقدير الكافي.
وفيما يتعلق بالمنافسة مع الصين، قالت بينر إن الوضع غير عادل، داعية إلى فرض قواعد واضحة لضمان القيمة المحلية، بحيث لا تطلب شركات مدعومة بمليارات من الأموال العامة مثل “دويتشه بان” حافلات من شركة “بي واي دي” الصينية، مؤكدة أن أوروبا يجب أن تدافع عن نفسها ضد المنافسة غير العادلة.
تحرير: صلاح شرارة
Source link



