
اتخذت السلطات المحلية في محلية الكاملين بولاية الجزيرة، وسط السودان، قرارًا إداريًا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق إلى جانب مجلس تحقيق رسمي، وذلك على خلفية مخالفات فنية وإدارية في قطاع الكهرباء. وشمل القرار إيقاف المهندس المسؤول عن العمل وعدد من الموظفين في إدارة الكهرباء بالمحلية، بناءً على توصية من إدارة التأمين والسلامة، التي رصدت تجاوزات تتعلق بتوصيلات غير قانونية للتيار الكهربائي في عدد من المنشآت التجارية والزراعية والصناعية. ويأتي هذا التحرك في إطار جهود رسمية لاحتواء تداعيات الأزمة وضمان المساءلة الإدارية في واحدة من أكثر القطاعات حيوية وتأثيرًا على حياة المواطنين.
القرار جاء عقب اكتشاف توصيلات كهربائية عشوائية خارج نطاق إدارة توزيع مكتب كهرباء الكاملين، شملت مصانع ومزارع ومطاعم ومحلات تجارية، ما أدى إلى تحميل غير مبرر على الشبكة الكهربائية. ونتج عن هذه التوصيلات غير النظامية تلف عدد كبير من العدادات واحتراق غالبية المحولات بسبب الضغط الزائد، الأمر الذي تسبب في تعطيل واسع للخدمة في مناطق متعددة داخل المحلية. هذه الأضرار الفنية كشفت عن خلل في الرقابة الداخلية، وأثارت تساؤلات حول مدى التزام الجهات المعنية بالمعايير الفنية والإدارية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى إصلاحات هيكلية في قطاع الكهرباء لضمان استدامة الخدمة.
القرارات الإدارية جاءت أيضًا في سياق فضيحة فساد كشفتها مجموعة من الناشطين في 11 أكتوبر الجاري، تتعلق بقيام مهندسين في إدارة الكهرباء ببيع عدادات كهربائية في السوق السوداء بقرية الكسمبر التابعة لمحلية الكاملين. ووفقًا للمعلومات المتداولة، بلغ سعر عداد الكهرباء من خط واحد 1200 جنيه، في حين أن السعر الرسمي لا يتجاوز 735 جنيهًا، أما عداد الثلاثة خطوط فقد بيع بمبلغ 2300 جنيه، بينما يبلغ سعره الرسمي 1800 جنيه. هذه الفروقات السعرية الكبيرة أثارت موجة من الغضب الشعبي، خاصة وأن العدادات تُعد من الخدمات الأساسية التي يجب أن تُقدم للمواطنين ضمن إطار قانوني واضح وبأسعار رمزية، باعتبارها من الحقوق التي تلتزم الدولة بتوفيرها.
الحادثة أثارت استياء واسعًا في أوساط المواطنين، الذين اعتبروا أن تورط جهة حكومية في عمليات فساد تمس خدماتهم الأساسية يُعد تجاوزًا غير مقبول. إدارة الكهرباء، بوصفها جهة تنفيذية مسؤولة عن تقديم الخدمة، واجهت انتقادات حادة بسبب ما وصفه المواطنون بالمتاجرة في حقوقهم، وسط مطالبات بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين. هذا الغضب الشعبي يعكس تراجع الثقة في المؤسسات الخدمية، ويؤكد الحاجة إلى إصلاحات هيكلية تضمن الشفافية والعدالة في تقديم الخدمات، خاصة في القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين اليومية.
ما زاد من حدة السخط العام هو الكشف عن أن المبالغ التي تم تحصيلها من بيع العدادات بطريقة غير قانونية لم تُورّد إلى الحساب الرسمي لإدارة الكهرباء، بل تم تحويلها إلى حساب شخصي يعود لأحد المهندسين، ما يُعد انتهاكًا صريحًا للوائح المالية والإدارية المعمول بها. هذا الإجراء غير النظامي يؤكد أن العملية لم تكن مجرد خلل إداري، بل تحمل مؤشرات واضحة على وجود شبكة فساد منظمة داخل الإدارة. وتُعد هذه الواقعة اختبارًا حقيقيًا لقدرة السلطات المحلية على فرض الانضباط المؤسسي، واستعادة ثقة المواطنين من خلال إجراءات صارمة تضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.
المصدر من هنا
Source link



