اخبار السودان

كل ما يجب معرفته عن مرض الدفتيريا: الأعراض والأسباب والعلاج وطرق الوقاية

خاص – في ظل أزمة إنسانية متفاقمة تعصف بالسودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، برز مرض الدفتيريا كتهديد صحي جديد يضرب الأطفال في قلب العاصمة الخرطوم، وسط انهيار شبه كامل للمنظومة الطبية. فقد أطلقت نقابة أطباء السودان تحذيرًا عاجلًا بعد تسجيل خمس عشرة حالة إصابة مؤكدة في منطقة الجريف شرق، بينها ثلاث وفيات لأطفال خلال أسبوع واحد فقط، ما يعكس تسارعًا خطيرًا في انتشار العدوى. هذا التفشي لا يُعد مجرد حدث صحي عابر، بل يمثل مؤشرًا صارخًا على هشاشة النظام الوقائي في البلاد، في وقت تتراجع فيه قدرة المؤسسات الصحية على احتواء الأمراض المعدية، وتغيب فيه أدوات الاستجابة السريعة.

البيئة التي ظهرت فيها الحالات، كما أوضحت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، تعاني من تدهور كبير في شروط النظافة العامة، واكتظاظ سكاني حاد، ما يجعل انتقال العدوى عبر الرذاذ أو الأدوات الملوثة أمرًا شبه حتمي. ومع غياب برامج التحصين الروتينية، وانقطاع سلاسل الإمداد الطبي، يصبح الأطفال في مناطق النزاع والنزوح أكثر عرضة للمضاعفات القاتلة. ويُعد ظهور غشاء رمادي على اللوزتين، وصعوبة التنفس، وتورم الرقبة من أبرز العلامات التحذيرية التي تستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل محدودية الوصول إلى المرافق الصحية.

تفشي الدفتيريا في الخرطوم لا ينفصل عن السياق الأوسع لانهيار البنية التحتية الطبية في السودان، حيث أدى النزاع المسلح إلى نزوح الملايين، وتدمير واسع للمستشفيات، وتوقف برامج التحصين، ما خلق بيئة مثالية لعودة أمراض قابلة للوقاية. ومع تصاعد التحذيرات من خبراء الصحة، أطلقت وزارة الصحة نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل الفوري، قبل أن يتحول التفشي إلى كارثة وبائية يصعب احتواؤها. هذا النداء يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتوفير اللقاحات، وتعزيز حملات التوعية، وتحسين شروط النظافة، في وقت تتعرض فيه المنظومة الصحية لضغوط غير مسبوقة.

في هذا السياق، يصبح الحديث عن أعراض الدفتيريا، أسبابها، وطرق الوقاية منها، ضرورة إنسانية ومهنية، خاصة في ظل غياب التوعية الطبية في مناطق النزاع. التقرير التالي اعده فريق اخبار السودان يستعرض معلومات طبية دقيقة وموثوقة من مصادر عالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومراكز السيطرة على الأمراض (CDC)، لتقديم دليل مبسط وعملي يمكن أن يساعد الأسر والفرق التطوعية في حماية الأطفال وإنقاذ الأرواح.

ما هو مرض الدفتيريا؟

الدفتيريا هي عدوى بكتيرية خطيرة تسببها بكتيريا تُعرف باسم Corynebacterium diphtheriae. تؤثر هذه العدوى بشكل رئيسي على الجهاز التنفسي العلوي، وقد تنتج سمًّا قويًا يهاجم القلب والأعصاب والكلى. في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، خاصة بين الأطفال غير المطعّمين.

وتستهدف هذه العدوى بشكل رئيسي الجهاز التنفسي العلوي، حيث تصيب الحلق والأنف، وقد تمتد في بعض الحالات لتؤثر على الجلد. وإذا لم يتم التدخل العلاجي في الوقت المناسب، فإن المرض قد يتسبب في مضاعفات صحية بالغة الخطورة، تشمل التأثير على عضلة القلب والجهاز العصبي، ما يجعل سرعة التشخيص والعلاج أمرًا بالغ الأهمية.

الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من هذا المرض تبدأ بتطعيم الأطفال خلال الأشهر الأولى من حياتهم، وهو إجراء وقائي أساسي يندرج ضمن برامج التحصين الروتينية. كما يُوصى بإعطاء جرعات تعزيزية للبالغين كل عشر سنوات لضمان استمرار المناعة المكتسبة، وهو ما يُعتبر الإجراء الأمثل لتقليل فرص الإصابة والحد من انتشار العدوى في المجتمع.

وفي سياق التعامل مع الحالات المشتبه بها، أكد مختصون على أهمية التحقق الدقيق من التشخيص قبل اتخاذ أي إجراءات، وذلك لتجنب إثارة الذعر بين السكان. وفي حال ثبوت الإصابة، يجب إخضاع المريض للعزل داخل مراكز صحية مجهزة بالعلاجات المناسبة، وذلك لضمان عدم انتقال العدوى إلى الآخرين خلال فترة نشاط المرض. وبعد انتهاء المرحلة المعدية، يمكن للمريض استكمال العلاج إما داخل العنبر العام أو في المنزل، وفقًا لتقييم الحالة الصحية وظروف الرعاية المتاحة.

أعراض الدفتيريا

تبدأ أعراض الدفتيريا عادة بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرض للبكتيريا، وتظهر تدريجيًا. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

  • التهاب الحلق وصعوبة في البلع
  • ارتفاع في درجة الحرارة
  • ظهور غشاء رمادي أو أبيض سميك على اللوزتين أو الحلق، قد يعيق التنفس
  • تورم في الرقبة نتيجة تضخم الغدد اللمفاوية
  • سعال جاف يشبه صوت النباح
  • في الحالات المتقدمة: اضطراب في ضربات القلب، شلل جزئي، مشاكل في الكلى، ونزيف بسبب انخفاض الصفائح الدموية

أسباب الإصابة

السبب الرئيسي للإصابة هو العدوى المباشرة ببكتيريا الدفتيريا، والتي تنتقل عبر:

  • الرذاذ الناتج عن السعال أو العطس من شخص مصاب
  • ملامسة أدوات ملوثة مثل المناشف أو الأواني
  • عدم تلقي اللقاح أو عدم استكمال الجرعات اللازمة

الأطفال غير المطعّمين، وكبار السن، والأشخاص الذين يعيشون في ظروف صحية سيئة، معرضون بشكل أكبر للإصابة.

طرق الوقاية

الوقاية من الدفتيريا ممكنة وفعالة، وتشمل:

  • التطعيم: اللقاح المضاد للدفتيريا يُعطى ضمن سلسلة لقاحات الطفولة، ويحتاج إلى جرعات تعزيزية لاحقًا للحفاظ على المناعة.
  • النظافة الشخصية: غسل اليدين بانتظام، وتجنب مشاركة الأدوات الشخصية.
  • العزل الصحي: في حال ظهور أعراض، يجب عزل المصاب لتجنب نقل العدوى

في مناطق النزاع أو النزوح، يُنصح بتنظيم حملات تطعيم متنقلة وتوفير أدوات النظافة الأساسية.

العلاج الطبي

علاج الدفتيريا يتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا، ويشمل:

  • مضادات السموم: تُعطى عبر الوريد ل‏أبطل‏ السم الذي تنتجه البكتيريا.
  • المضادات الحيوية: مثل الإريثروميسين أو البنسلين، تُستخدم للقضاء على البكتيريا ومنع انتشارها.
  • الرعاية الداعمة: تشمل مراقبة التنفس، القلب، وتقديم السوائل والتغذية المناسبة

تنبيه : يجب أن يتم العلاج في مركز طبي مجهز، لكن في حالات الطوارئ، يمكن البدء بالمضادات الحيوية تحت إشراف طبي.

الفيتامينات والمكملات الداعمة

رغم أن المكملات لا تعالج الدفتيريا مباشرة، إلا أنها تساهم في دعم المناعة والتعافي، خاصة في البيئات الفقيرة غذائيًا. وفقًا لتوصيات NIH وMayo Clinic، تشمل المكملات المفيدة:

  • فيتامين C: يعزز المناعة ويساعد في مقاومة العدوى.
  • فيتامين A: ضروري لصحة الأغشية المخاطية والجهاز التنفسي.
  • الزنك: يساهم في التئام الأنسجة وتقوية المناعة.
  • البروبيوتيك: يدعم صحة الجهاز الهضمي ويقلل من الالتهابات.

يُفضل الحصول على هذه العناصر من مصادر طبيعية مثل الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والمكملات المعتمدة طبيًا، خاصة في حالات سوء التغذية.

توصية إنسانية

في ظل الحرب والنزوح، يصبح الوصول إلى الرعاية الصحية تحديًا كبيرًا. لذلك، يُنصح الأهالي والفرق التطوعية بالتركيز على التطعيم، النظافة، والتغذية، ومراقبة أي أعراض تنفسية غير معتادة لدى الأطفال. الدفتيريا مرض يمكن الوقاية منه، ويمكن علاجه إذا تم التدخل مبكرًا. نشر هذا التقرير قد ينقذ حياة طفل، ويُعيد الأمل لعائلة في ظروف قاسية.

المصادر الطبية الموثوقة:
WHO منظمة الصحة العالمية – حقائق حول الدفتيريا
CDC CDC – الوقاية من الدفتيريا
Mayo Clinic Mayo Clinic – علاج الدفتيريا
WHO WHO – الأسئلة الشائعة حول الدفتيريا


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى