أخبار العالم

بين إسرائيل وحماس.. مأزق ترامب في إيجاد “شرطي” للسلام في غزة – DW – 2025/11/10

رغم تأكيدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “قرب” نشر قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة، إلا أن المعطيات تشير إلى تحديات جمة تعرقل تطبيق ذلك على أرض الواقع على الأقل في الوقت الحالي. 

ففي أحدث موقف دولي، صرح المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش بأن الإمارات لا ترجح المشاركة في هذه القوة، مرجعا ذلك إلى غياب “إطار عمل واضح يحدد طبيعة القوة ومهامها”.

ويُفترض أن تنتشر القوة الدولية، التي تُعد جزءا من خطة ترامب لوقف الحرب في غزة، لضمان الاستقرار في القطاع. ووفقا لتقارير إعلامية، فإن الولايات المتحدة تجري محادثات مع دول عربية وإسلامية بشأن مساهمات محتملة في تشكيل قوة دولية قوامها نحو 20 ألف جندي.

ومن بين الدول المرشحة للمشاركة هي مصر و قطر وتركيا إلى جانب الإمارات التي تُعد من الدول العربية القليلة التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بموجب اتفاقات إبراهام.

قوات اليونيفيل في جنوب لبنان (19-04-2025)
تنتشر في جنوب لبنان والجولان السوري، قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بموجب قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي.صورة من: Niall Carson/PA Wire/empics/picture alliance

حفظ سلام أم فرض سلام؟

بحسب تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي“مؤخرا، فإن تشكيل مثل هذه القوة يواجه تحديات كبيرة، أبرزها: ما هي الدول التي ستوافق على إرسال قوات؟ ومن هي الدول التي ستقبل بها إسرائيل؟

فعلى سبيل المثال، ترفض إسرائيل مشاركة قوات من تركيا.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي المقيم في لندن، محمد قواص، إن “مسألة تشكيل هذه القوات لا تزال قيد النقاش، وتتطور شروطها لتلبي مطالب الدول المرشحة للمشاركة. الاتجاه العام هو أن تحظى هذه القوات بشرعية من الأمم المتحدة، دون أن تكون تابعة لها بالضرورة، أي لا تكون مثل قوات القبعات الزرق”.

وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف قواص “هناك جدل قائم حول ما إذا كانت هذه القوات ستكون لحفظ السلام أم لفرضه. كما أن تشكيل القوة ليس مشروعا أمريكيا فقط، بل هو أيضا مطلب من دول عربية وإسلامية شاركت في صياغة خطة ترامب لغزة، وحضرت اجتماعا معه قبل يومين من إعلان الخطة”.

ولم تكن الإمارات الدولة الوحيدة التي استبعدت المشاركة، إذ صرح مصدر في الحكومة الأذربيجانية لوكالة رويترز بأن بلاده لا تعتزم إرسال قوات حفظ سلام إلى غزة ما لم يتم التوصل إلى وقف كامل للقتال بين إسرائيل وحماس.

ونقلت رويترز عن المصدر قوله: “نحن لا نريد تعريض قواتنا للخطر. لا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا توقف العمل العسكري تماما.”

 مجلس الأمن الدولي (23-09-2025)
صاغت واشنطن مشروع قرار أممي يقترح منح تفويض لمدة عامين لحكومة انتقالية وقوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزةصورة من: Kena Betancur/AFP/Getty Images

تفويض من الأمم المتحدة

وأشارت مجلة فورين بوليسي إلى أن العقبة الرئيسية أمام نشر قوة حفظ السلام تتمثل في موقف حركة حماس، موضحة أنه “إذا رفضت حماس نزع سلاحها، كما يبدو، فمن غير المرجح أن ترغب أي دولة، سواء كانت غربية أو عربية، في إرسال قوات إلى غزة.”

يشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

ونقلت المجلة عن ثلاثة مسؤولين أمنيين إسرائيليين سابقين قولهم إنهم لا يتوقعون أن تقوم حماس بنزع سلاحها. وأضافت أن التحدي الثاني يتمثل في “عدم رغبة الدول في القيام بدور شرطي في غزة.”

وترى تهاني مصطفى، الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والمحاضرة في كلية كينغز بلندن، أنه “إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة جادتين بشأن الهدنة الحالية، فإن أي شيء أقل مما تطالب به الدول الإقليمية من تفويض أممي سيبدو سيئا للغاية من الناحية الشكلية.”

وأضافت في مقابلة مع DW عربية أنه في حال عدم تحقيق ذلك، “سيبدو الأمر وكأن هذه القوة ستكون بمثابة قوة احتلال أخرى، وليست قوة لتحقيق الاستقرار.”

وكان الأردن وألمانيا قد أكدتا أن القوة الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة يجب أن تحصل على تفويض من مجلس الأمن الدولي.

وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول خلال منتدى “حوار المنامة” مؤخرا إن هذه القوة ستكون “بحاجة إلى سند واضح في القانون الدولي… وترغب ألمانيا أيضا في أن ترى تفويضا واضحا لهذه القوة.”

من جانبها، تشير الباحثة تهاني مصطفى إلى أنه “من غير المرجح أن تسمح إسرائيل بأي نوع من بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.”

وصاغت واشنطن مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يقترح منح تفويض لمدة عامين لحكومة انتقالية وقوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة.

وجاء في مسودة لمشروع القرار اطلعت عليها رويترز أن “قوة الاستقرار الدولية” ستكون مخولة باتخاذ “كافة الإجراءات اللازمة” لإخلاء غزة من السلاح وحماية المدنيين وتوصيل المساعدات وتأمين حدود القطاع ودعم قوة شرطة فلسطينية مدربة حديثا.

مؤتمر صحفي لوزير خارجية ألمانيا يوهان فاديفول ونظيره الأردني أيمن الصفدي في برلين (ارشيف)
ربط الأردن وألمانيا انتشار القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة بتفويض من مجلس الأمن الدولي.صورة من: Katharina Kausche/dpa/picture alliance

سيناريو الجنوب اللبناني والجولان؟

وكانت فصائل فلسطينية، تتقدمها حركتا فتح وحماس، قد أكدت عقب اجتماع في القاهرة أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، “أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار.”

وفي هذا السياق، يقول الكاتب السياسي محمد قواص إن “إسرائيل تتجنب التعامل مع الأمم المتحدة، ولا تعترف إلا بالولايات المتحدة كراعٍ لأي شأن يتعلق بالصراع.”

وأضاف في مقابلته مع DW عربية أنه “من المرجح أن تتولى القوة، المفترض أنها تابعة لمجلس السلم بقيادة ترامب، مهام ميدانية وفق تفاهمات معينة، لكن ليس بالضرورة أن تكون هجومية، فهي ستختلف عن مهام المراقبة التقليدية التي تقوم بها قوات القبعات الزُرق التابعة للأمم المتحدة.”

وتنتشر في بعض مناطق الشرق الأوسط، مثل جنوب لبنان و الجولان السوري المحتل، قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بموجب قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي.

وترى الباحثة تهاني مصطفى أن تطبيق سيناريو جنوب لبنان في قطاع غزة يبدو صعبا للغاية.

وأوضحت في مقابلتها مع DW عربية أن “الوضع في لبنان يختلف كثيرا عن الأراضي (الفلسطينية) المحتلة. فهذه الأراضي واقعة تحت الاحتلال الكامل، أليس كذلك؟ إنها محتلة من قبل إسرائيل، ولذلك من غير المرجح أن تسمح إسرائيل بوجود أي بعثة لحفظ السلام، وهو أمر يطالب به الفلسطينيون منذ وقت طويل.”

تحرير: عبده جميل المخلافي


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى